الاعتذار المهين .. إهانة للمعلم وللسلك التربوي برمته

كتب: أنور الجبرتي

قمة الوقاحة أن يتم ضرب المعلم وإهانته على مرأى ومسمع من العالم وتصير قضيته قضية رأي عام، وفي الأخير يعتذروا له ويقبل رأسه كانه عمل خطأ بسيط.. أين حقوق المعلم اتقوا الله فإن الله يهلك الدولة الظالمة وإن كانت مسلمة ويديم الدولة العادلة وان كانت كافرة، فعندما قال رسول الله للمسلمين المضطهدين في مكة بأن يهاجروا قال: “اذهبوا الى الحبشة فان فيها ملكا لا يظلم عنده أحدا، ورغم انها كانت آنذاك دولة مسيحية كافرة لكن المعيار ليس الكفر أو الإيمان وإنما العدل وتطبيقه.

إن ما قام به الطلاب ليس إهانة لهذا المعلم فقط وإنما إهانة للتربية وللسلك التربوي كاملا .. إهانة لكل من يعمل معلما للأجيال.. إهانة لشكل الدولة القائمة في عدن فلو كان هناك دولة نظام وقانون ما فعلوا هكذا.

فلو كان القرار الذي اتخذته التربية عادلا كان يجب أن يفصل كل هؤلاء الطلاب ويختم على ملفاتهم بالختم الأحمر ويمنعوا من الدراسة في أي مدرسة من مدارس الجمهورية ويشهر بهم أمام الرأي العام، ويسجنوا تأديبيا لمدة سنة، وهذا في الحد الأعلى للعقوبة أما في الحد الادنى كان يجب أن يتم إيقافهم في الطابور على منصة المدرسة ثم يقوم معلم آخر أو مدير المدرسة أو آبائهم بضربهم أمام الجميع بنفس الأسلوب إنصافا لهذا المعلم ثم من بعد ذلك يأتي الاعتذار.

أما الاعتذار هكذا وكأنهم فعلوا أقل خطأ في حق المعلم فهو وصمة عار لا يمحوها التاريخ لوزارة التربية والتعليم ولادارة التربية في عدن وحكومة عدن الفاسدة، فوالله لو كان هذا الفعل في مكان آخر لتم حجز هؤلاء المعتدين في سجن الأحداث والقيام بمحاكمتهم عبر القضاء الشرعي للدولة، وإنزال أقسى العقوبات بهم جزاء وفاقا بما اقترفته أيديهم.

أيضا لو افترضنا أن المعلم ربما قبل هذا الاعتذار المقرف المهين مرغما فأين الحق العام للمدرسة والتربية والدولة فهم قد اعتدوا عليه أثناء تأدية وظيفته الرسمية في المدرسة.. أثناء دوامه الرسمي.

يا للعار، فإذا أردت أن تعرف رقي المجتمع فانظر اليه كيف يتعامل مع المعلم، بعدما كانت عدن مدينة الثقافة والعلم والقانون والاقتصاد أصبحت مرتعا للعصابات والبلطجية والفسدة، وسفلة القوم، وأصبح كل شخص يستخدم نفوذه وسلطته في الدولة ليتقوى على الضعفاء.

فوالله لو لم يكن هؤلاء أبناء متنفذين في الدولة لما تم التعامل مع المعلم بهذا الاعتذار المهين والمخزي، فقد هتكوا كرامة المعلم أمام جميع من في المدرسة وأمام الرأي العام وانتشر الفيديو وهو يضرب ويمدد كانه ثورا قدم ليذبح على يد جزارا.

فوالله إن لم تعدلوا في أخذ حق هذا المعلم الضعيف، فإنكم الى زوال، وأن الله سينتقم منكم بازالتكم عما قريب، فقد قال أحد الصالحين: “إذا زاد الظلم وقلّ الناصر، فالله يُريد تهيئة أسباب العقوبة للظالم والساكت معاً ليُنزلها،إذا رأيـتَ الظلم مُـستمراً في ظُلمه، فاعرف أن نهايتهُ مَحتومة”.

ويقول ابن خلدون: “فمن جعل العدل أساس ملكه قويت شوكته، وعظمت دولته، وإن كان كافرا ودولته كافرة، وأن من جعل أساس دولته الظلم، لم تبق دولته، وإن كان مسلما، ذلك أن بناء الحضارات والدول خاضع للسنن الكونية التي أودعها الله تعالى في كونه كله”.

وقد ذكر ابن خلدون في مقدمته فصلًا بعنوان ” الظلم مؤذن بخراب العمران” بين فيه أن الظلم إذا انتشر، خربت البلاد، واختل حال العباد، لذلك تداركوا أنفسكم بإنصاف هذا المعلم، والا لا أقول لكم إلا كما قال رسول الله: “اتقوا دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب” صدق رسول الله…

لذلك من هنا ادعو وزير التربية ومدراء التربية وكل نقابات المعلمين الجنوبيين ألا يقبلوا بهذا الاعتذار الأهبل وأن يستمروا بالمطالبة بأخذ حق هذا المعلم وإنصافه ممكن ظلموه وإلا فمن أصبح ساكتا عن مصيبة اخيه أمست المصيبة في بيته، اعلموا أن المصيبة ستصيبكم واحدا واحدا خاصة الساكتين عن الحق من المعلمين والتربويين ومدراء التربية ووزير التربية..وغيرهم من الجهات الأخرى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى